مسافر زاده الخيال
زاده الخيال ::
نعم ما أجمله من زاد وما أغربها من دنيا وما أعذبها من ألحان تري من هو المسافر؟!! ومن هو الخيال؟!
المسافر هو القلب الذي لا يجد له زادا إلا الخيال ليقتسمه مع العقل والروح بواسطة الحب.
أما ما هو الخيال؟!
فهو ذلك الكائن المعنوي الذي يخلق ملكة الإحساس والإبداع فالخيال هو ذلك العالم المجهول المستتر الرقيق المرهف الجميل!!!
باختصار الخيال هو نواة الحب. والحب أنواع وبسببه يختلف تذوق الأشياء والهيام في قدرة الخالق علي إبداعها:
أولا: حب الله الخالق ولا يحتاج إلي تعليق أو كلام.
ثانيا: زهور الحب الأخرى:
[1] حب الوطن، وهو أسمي أنواع الحب وأعذبها صفاء ونقاء وشفافية وإخلاصا لله سبحانه وتعالي لأن حب الوطن من الإيمان.
[2] حب النفس، وإياك وحب النفس فهو سلاح ذو حدين يمكن أن يقتل صاحبه أو يكرمه.
[3] حب المال، وهو أصعب أنواع الحب فاثنان لا يشبعان طالب العلم وطالب المال وهو أيضا سلاح ذو حدين إذ يمكن أن يهلك صاحبه.
[4] حب العلم، وهو نوع من أسمي أنواع الحب إذ انه يقوي الإيمان لأنه يدعو إلي التفكر في الكون والتأمل في عظمة الخالق سبحانه وتعالي.
[5] حب الجنس، وهو حب عظيم في إطار ما شرع الله لنا من العلاقات الشرعية الإسلامية أو كل حسب شريعة ديانته.
فكل هذه أنواع من الحب ففعلا يكون الإنسان مسافر زاده الخيال وليس شيء آخر نعم فالحب أصبح سراب وليس له وجود غالبا وإن كان لا يزال أحيانا فلا مكان للرومانسية ولا للحب في هذا الزمان هناك قلوب تحب ولكنها تئن أيضا وتضيع وسط آلامها فالمقياس الآن ليس بتقدير النفس البشرية للأسف ولكنه ربما بالمال أو المصلحة غالبا.
ولكن هيا بنا نتحدى الواقع بالخيال العاقل المتدبر الذي يسمو بالروح الإنسانية لكي نشعر أنه لازالت هناك أحاسيس، فلابد ولو للحظات أن ينتصر الخيال ولا أبالغ إذا قلت أن للخيال عشاق ومتذوقون لرونقه وبساطه السحري الذي يمحو الهموم ويحقق الهيام والتأمل فما رأيكم في ملكة الخيال التي توجد عند الفنانين وماهو سر هذه القدرة علي الإبداع والتعبير وتصوير الأشياء والأحاسيس؟!!
تري ماذا نظن عندما تتحدث لغة العيون عندما تري العين منظر جميل أو لوحة فيها إبداع لفنان يجسد فيها نوع سامي من التأمل والجمال فيشتد بريق العينين في لمعان مبهر ويسرح الإنسان بملكة خياله إلي ما وراء الصورة!!!
والأجمل والأعمق والأسمى هو خيال الشعراء ثم خيال الشعراء إلي مالا نهاية:
يا له من خيال رائع وبلاغة فائقة لكل حدود الأدب أنا الآن تفرز كلماتي دون كنترول لأن الشعر له رونق وأثر خاص داخلنا جميعا فالشعر به أسمي ملكات الخيال بل يضم أعظم وأجمل درجاته ويحتضن بين طياته أنواع سامية من الحس الوطني والوجداني والعاطفي فياله من جمال خارق وياله من عبق السحر الجميل للشعراء فالشاعر لديه حس مميز ونبوءة والشاعر فعلا هو خير مسافر زاده أجمل زاد وهو الخيال نعم الشاعر فعلا مسافر زاده الخيال والسحر والعشق وكل شيء جميل ويمتلك أسمي درجات البلاغة واللغة والرقة والجمال وفيه تكتب مجلدات لم ولن توفيه حقه فليتخيل كلا منا أنه يقرأ قصيدة يتمناها من الشعر وليتخيل ما تولده تلك القصيدة من أحاسيس سامية وتأمل في عظمة وقدرة الشاعر ومدي خياله الواسع وإحساسه المرهف.
فتذوقوا معي دليلي علي كلماتي وهي من أشعار الشاعر العظيم إليا أبو ماضي:
اثنان أعيا الدهر أن يبليهما 000 لبنان والأمل الذي لذويه
نشتاقه والصيف فوق هضابه 000 ونحبه والثلج في واديه
تخيلوا معي هذه الكلمات وتذوقوها جيدا حيث أن الشاعر يمجد لبنان وشبه الدهر بالإنسان الذي يصيبه الإعياء إذا ساورته نفسه بابتلاء لبنان أو حتى الأمل لأهل لبنان والعكس فالابتلاء يكون من وإلي الإنسان وجماله هنا في تصويره بملكة الخيال الرائعة للدهر بأنه يبتلي مثل الإنسان ولكنه يتعقل أيضا مثل الإنسان ولا يرضيه أن يبتلي لبنان ولا أمله وكأن لبنان أيضا إنسان يبتلي فياله من زاد بعينه الخيال والبلاغة والإبداع.
وانظروا هذا الوصف والجمال والتزود بالخيال في قول الشاعر:
وإذا الصبايا في الحقول كزهرها 000 يضحكن ضحكا لا تكلف فيه.
هن اللواتي قد خلقن لي الهوى 000 وسقينني البحر الذي أسقيه.
ما الذي صان الشباب من البلي 000 وأبي علي الأيام أن تطويه.
بالله عليكم هل هناك تعليق بعد هذه الكلمات الرائعة وهذا الوصف الجميل لقد تزودت به أنا!!!!
نعم فهو خيال جميل وشعرت في قصديتنا هذه أنني مسافر زاده الخيال فعلا وتخيلت نفسي أطير علي قلم الشاعر كفراشة علي الزهور وأسبح في بحر كلماته التي وصف الصبايا بها وكأنهن خلقن له الهوى وسقينه بحر الخيال الذي يسقيه هو تري هل هن الملهمات؟!!!!!!
وهذه الأبيات بخيالها أيضا تذوقوا معي فاليوم مأدوبة الخيال وملكاته، فهنا وفي هذه القصيدة أتخيل كل واحد منا يسأل سؤال واقعي مطعم بملكات الخيال وهو:من أنا؟
أنا. من أنا يا تري في الوجود؟!!!! وما هو شأني وما موضعي؟
الجمال هنا فتذوقوا معي 000 وسافروا وتزودوا بالخيال
أنا قطرة لمعت في الضحى 000 قليل علي ضفة المشرع
سيأتي عليها الماء فتغدو 000 كأن لم ترقرق ولم تلمع
أنا نغمة وفتها الحياة لمن 000 قد يعي ولمن لا يعي
سيمشي عليها السكوت 000 فتمسي كأن لم تمر علي مسمعي
وأخيراأقول أنني مهما تكلمت ومهما كتبت فلن أوفي الخيال حقه لأنه ضروري في حياتنا ولا يولد إلا بالإحساس الصادق ولا بد له من الإلهام والإفراز الفكري معا وربما يكون الخيال بقدر ولكنه ضروري في الحياة لأننا بشر والخيال من صفات الإنسان وميز الله به الإنسان عن باقي المخلوقات لكي يكون من بين صفوف الإنسان أولي الألباب المتفكرون أصحاب الرقي في الحب والعواطف والإحساس والسمو بالروح الإنسانية فمثلا الموسيقي أيضا تثير ملكة الخيال وتنشط العقل الباطن ليسترجع أجمل وأحلي وأعمق الأحاسيس والذكريات ونعيشها فعلا علي بساط الخيال ليكون العقل والقلب والروح كل منهم مسافر زاده الخيال!!! أليس كذلك؟!!!
فهذه نصيحتي علي غير العادة فدعونا من الحروب وعيشوا لحظة من الأمل والخيال والجمال علي واعتبروه حلم مشروع لنسيان النيران والحروب ولو لحظة نثبت فيها أننا بشر من حقه الإحساس والخيال والتأمل فهذا حلم ليس كثير علي الله تحقيقه فهيا بنا نحلم به واحلموا معي جميعا لنسافر وزادنا الخيال.