المواطن والسلسل
إنه في يوم كذا في عصر كذا كان الواحد من الشعب يساوي شعب ؟؟
كان الجد مصري خبير في الزراعة منذ أن كان يلقي بالبذور ويتركها في مواسم الأمطار أو معتمدا على فيضان النيل فقد كان وقتها حكيم يشقى ويكد ويتعب، حيث أن المواطن مصري عمره عمر النيل قوي البصيرة قوي الإرادة يعرف ما له وما عليه تزوج وتعاقبت أجيال أحفاده إلى أن كان آخر جيل للمواطن المصري
ومن هنا تبدأ مأساته حينما ولد له الابن الأكبر محمود وانطلقت الزغاريد مدوية في ربوع قريته، فقد أتت زوجته بالولد، ويالها من سعادة دامت معها الأفراح شهورا وما أن أكمل الطفل شهره السادس إلا وأتت أم محمود لتشكو من أعراض الحمل الثاني، وذهبت للطبيب فكان رأيه أن صحتها لا تحتمل حمل ثاني في الوقت الراهن، ولكن ماذا يفعل ؟وأنجبت مولودها الثاني عمرو، وفرح الأب كثيرا فقد كانت أمنيته ولد واحد والآن رزقه الله باثنين، وكانت أم محمود تقول له الله سوف يرزقك برزقنا وكان الأخ مصري رزقه على قدر عمله حيث أنه موظف بإحدى المصالح الحكومية .
وكان يعيش مستورا إلى أن التقطت أم محمود أنفاسها وذهبت يوما بعد الآخر لزيارة أم سيد أعز صديقاتها وفي جلسة سمر مثمرة سألتها أم سيد هل اكتفيت بمحمود وعمرو يا أم محمود فقالت لها لا ولكن ليس الآن فقالت لها أم سيد كيف ؟؟
أنت لديك ولدان ونريد أنثى جميلة ( البنت حبيبة أمها ) هيا أسعدينا بأنثى وجهها وجه القمر مثلك ومع الوقت وثرثرة أم سيد حملت أم محمود ثالثة وأنجبت ابنتها هبة وجهها كالبدر يوم التمام، وكانت السعادة بها غامرة آخر العنقود كما يقولون، وقررت أم محمود الاكتفاء بولدين وبنت إلى أن مر عام وذهبت إلى أمها نظرا لسفر زوجها في مأمورية تابعة لعمله، وإذا بأمها تقول لها يا ظالمة ( ولدان وابنة واحدة ) لابد من ابنة أخرى لكي لا تكون وحيدة ولا تتطبع بطابع الذكور وتكتمل أنوثتها فردت أم محمود قائلة والله أنت على حق يا أمي، وحملت أم محمود للمرة الرابعة وإذا بها تحمل في توأم من الإناث وتضع حملها ليضيق زوجها بالحياة ويترك المنزل وتمر السنين ويكبر الصغار وسط حياة بائسة ولكن المواطن مصري عاد إلى بيته بعد تطوع الحكماء بعقد مصالحة بينه وبين زوجته وخرج بعد ذلك ليبحث عن عمل ثاني بعد الظهر واستمر في كده وتعبه إلى أن وصلت إحدى بناته سن الخامسة عشر لكنها كانت كوردة ناعسة تفتحت قبل الأوان باحمرار وجنتيها وابتسامة الصباح في عينيها حتى جاء رجل في العقد الرابع من العمر كان يعيش في دولة عربية ويرغب في الاستقرار والزواج دون أية تكاليف فعرض عليه الأخ مصري ابنته للزواج وبالطبع كانت في التعليم المتوسط وعقدت الصفقة على أن يوضع مبلغ هائل من المال بإسم الأب يستطيع أن يحيا به حياة طيبة وينفق على باقي أبنائه وتتزوج الطفلة أو البنت هذه بهذا الثري في شقة كبيرة بها ما لذ وطاب من الأثاث
المنزلي
وحملت الطفلة مع أول تسعة أشهر من الزواج وجاء يوم الميلاد لتستحيل الولادة خارج المستشفى البنت لديها أنيميا وتسمم حمل وظلت مقيمة في المستشفى حتى لفظت أنفاسها الأخيرة وتركت وليدها لأمها وفي نفس اليوم الذي ماتت فيه المسكينة الزوجة الصغيرة سقطت الأم مغشيا عليها ليعلن الطبيب حملها الخامس بعد الخامس حيث أنها أنجبت اثنان من الذكور وبنت ثم توأم ثم الحمل الأخير
ليخرج الطبيب ليزف البشرى إلى الأب المسكين ليرحل عن الدنيا في اللحظة والتو حزنا على ابنته وبحثا عن السلسة من أين بدأت ومتى تنتهي فقرر أن ينتهي قبل احتكام حلقاتها ليأتي بالفرج ، وبعدها انقسم ظهر أم محمود وساعدها المبلغ الذي وضعه زوج ابنتها باسمهم في تربية الأطفال إلى أن كبر محمود واستطاع التخرج من إحدى الكليات بعد مأساة صعبة عاشها مع أمه ولكنه كان غير سوي نفسيا كان يشعر بالنقص والاضطهاد ويلقي بكل شي على عمل والده وكيف أن الحكومة يمكنها تأمين المواطنين ضد صدمات الحياة دون أن يترك زاوية لجرم المواطن في حق ذاته ويقينه بأن الإصلاح يبدأ بالنفس كان منعدما، فهناك من قال له ابدأ بنفسك ولكنه كان لا يدرك أصلا ذاته ليبدأ بها، ومع الأيام بدأ يخرج من صمته ويكون صداقات ويلهو ويلعب كأي شاب وكان ضمن أصدقائه شاب قال له لابد أن تكون قويا ولا تكون مجرد شاب قامت على تربيته امرأة كن رجلا فبدأ بالتدخين ثم الإدمان ثم الفتيات وبعد ذلك تعرف على شاب ملتحي قال له ما تفعله حرام حرام لا بد أن تتوب فسأله كيف؟؟ قال له سنقوي إيمانك أولا وبعدها تقوى إرادتك ثم تأتي التوبة والبعد عن السيئات فوافق محمود وبدأ في حضور الدروس بمسجد في مكان بعيد عن القرية وترك لحيته هو الآخر وقالوا له جاهد في سبيل الله لكي يتوب الله عليك من الإدمان وتدرب محمود على الألعاب القتالية بنجاح واستخدام الأسلحة وذاع صيته في الخلق الكريم والشجاعة والجلد بين أصدقائه من الجماعة وهو لا يعرف لماذا التدريب بالمجان
إلى أن كلف بمهمة سرية بتفجير موقع ما فيقتل الكثير من المارة ولم يكن يدرك أن أخيه عمرو مارا صدفة في نفس الوقت فكان من أول ضحايا التفجير بحمقه الذي هو جهاد في سبيل الله من وجهة نظرهم فصار يصرخ ولا أحد يسمع صرخاته أو يشعر أناته، حتى عمرو الذي ناداه سقط قتيلا على يد أخيه ولكن من الجاني حيث أنها لم تكن هذه
هي النهاية ولكنها إحدى حلقات السلسلة